اعرف بنتا لا تسير إلا مستندة إلى الجدار .. ليس بجوار الحائط كما يقولون بل كما انطقها (مستدة إلى الحائط) .. تجعل من الجدار محورا للارتكاز عليه .. تدور حوله إذا دارت .. وتستند عليه طالما سارت فى طريقها.
يرعبها نهر الطريق .. لا تقوى على عبوره وحدها .. دون جدار يحمى ظهرها المخدوش متأكل الفقرات .. تتعجب من هؤلاء الذين يسيرون بلا سند .. متحررين تماما من جدرانهم من يحمى ظهورهم إذن؟؟ تتساءل تظن نفسها مخلوقة غريبة دون البشر لأنها لا تقوى على ترك الجدار .. جدارها
يرفعها الرصيف قليلا عن الأرض .. ويحتضنها دفء الحائط .. شيئا فى خشونته تطمئنها .. احتكاكه الدائم بنسيج ملابسها .. تأخذ منه ويأخذ منها
إذا أرادت ان تعبر الطريق إلى طريق أخر .. يسلمها الجدار إلى أحد أطرافه الممتدة .. جدران اخرى تنشق الارض عنها هى امتدادا له .. صنعها من اجلها تتمركز حوله قليلا .. تنظر له نظرة امتنان لجميله .. قبل ان تبدأ رحلتها مع امتداده ****
لم يخونها الجدار ابدأ .. لطالما استمتعت بخشونته على جلدها .. دفئه حرارته .. ظله .. بقايا الطلاء التى تتشبث بملابسها استدعى كل الرسامين ليرسموا قصتها عليه اعلن عن مسابقته لأفضل عيون ملونة وشعر غجري
سيرسمها على كل خلاياه ****
يالله تضم كفيها على وجهها لم تصدق عينيها كم رقيق هذا الجدار كل العناوين تحمل اسمها كل امتدادته تصنع شوارع موازيه لها كى يحميهــــــــــــــــــــــــــــــا ويزين الطريق بالصور الجميلة وعيون الاطفال يا له من جدار ****
تجلس امامه يحتضن ظهرها إليه .. تضم قدميها أمامها .. تماما كأب يضم كيان صغيرته إليه .. ليقرأ لها قصة مصورة يسألها إلى ما تنظر يبدوا العابرون فى عينيها كالشخصيات الكرتونيه المشوهة سخيفة هى الدنيا تسند خدها على كف الجدار .. انت الوحيد الصادق هنا
لطالما نقشت على جدارها وردة .. وهلالا وقطة .. قلوبا كثيرة وعلامات استفهام ضوء القمر يسقط على وجه فتبتسم تعشقه تارة وتخشاه اخرى
****
نقشت اسمها عليه .. كم تعشق حرفها الأول فى اقل اجزاءه قسوة قلب الجدار تأوه .دلالا عليها
****
كل الجدارن على طريقى تحمل أسمى .. كل الحكايات كتبت هنا .. على جدارى
****
تنظر له بطرف عينيها .. تراقب ظلها عليه تنظر بإعجاب إليه
تسير بجواره وكأنها تسير معه .. أحيانا تشعر أنها تمشى بداخله
تتمايل بعيداً عنه .. فيجذبها نحوه بخيوط لا تستطيع ان تراها سيسمونها امرأة الجدار أو ابنته أو صديقته
لكنها لم تعد تهتم ما أسمها ؟ ما أسمه؟ .. بالنسبة لها لم تعد تهتم سوى بأنها لا تستطيع ان تتخيل شكل الحياة دونه لها نظرية.. بأن بداخل الجدار قلب ينبض .. وأن خلايا تنجذب إليها حقا .. وتحبها
******
عندما انهار .. كانت تنهار معه .. تساقطت كتله الصلبة حولها ظلت تصرخ .. وهو يحتويها وكأنه حتى فى سقوطه لن يتركها وحدها مد ذراعيه ليحتضنها شاهدوا انهيار جدارها .. ثبتوا صورتها كثيرا والجدران تنهار من حولها كانت تصرخ من خشيه الوحدة والجدار يتكسر ورغم ذلك يحتويها
تعجبوا لصورة الأنقاض التى تحتضن البنت تلك البنت التى يسمونها امرأة الجدار .. ابنته .. أو صديقته لكنها لم تعد تهتم سوى بانه لم يتركها وحدها ويرحل نشر أنقاضه الرحيمة فوقها ستر ملامحها برماله الناعمة
مساءا أذاعوا ماتت البنت التى لا تسير إلا مستندة إلى الحائط
امضاء: رحاب سعد الطحان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق